بقلم / سينيورة حنين
• تتسم المراحل الأولي من عمر الإنسان والمعروفة بمرحلة الطفولة بالبراءة والضعف، لذلك يحتاج الطفل في هذه المرحلة الرعاية ومن يأخذ بيده، والعنف الاسري ضد الطفل متعدد الجهات، فقد يكون من الأم، وقد يكون من الأب او الإثنين معا، وتشير الدراسات النفسية والطبية إلي ان مفهوم العنف الاسري مرتبط بالقيم السائدة في مجتمع ما وفترة تاريخية معينة، فهل يخضع مفهوم العنف الاسري الي بعض المتغيرات مثل غيره من المفاهيم؟!!
وبالفعل بدأت المجتمعات تدرك المشكلة ولو بشكل قليل ان هذا المفهوم المأخوذ بشان الطفل يجب ان يتغير، ومضت نحو التخلص من مفهوم ان الطفل ملك لوالديه يفعلان به ما يريدان.
وتعتبر مشكلة العنف الاسري وخصوصا ضد الاطفال، مشكلة ذائعة الانتشار في كثير من المجتمعات، ولعل من انواع العنف الاسري، منه ما هو ماد (محسوس)، ومنه ما هو ملموس(النتائج)، ومنه المعنوي الذي لا يكون واضحا في البداية، لكن آثاره تكون في النفس.
وهنا نستعرض بعض' أشكال العنف المادي: ومنه الإيذاء الجسدي، الاعتداءات الجنسية، كذلك القتل وهذا اشدهم قسوة، بالإضافة الي'أشكال العنف المعنوي' المتمثل في: الحبس المنزلي وسلب حريته بالكامل، والطرد من المنزل، 'والايذاء اللفظي' المتمثل في الإهانة والتخويف والاستغلال والعزلة والتهميش، الذي يشعره بالنقص وانعدام ثقته بنفسه تماما .
دائما نقول لا يوجد مشكلة إلا وورائها دوافع واسباب، لذا فمشكلة العنف الاسري ضد الاطفال تقف ورائها العديد من الدوافع التي تستدعي التعرف عليها واصلاحها ، ومن اهمها: "الظروف المعيشية الصعبة" كالبطالة والفقر، إضافة إلي " تصور المجتمع الذي يري ان القسوة عنصر أساسي في تربية الطفل " مثلا كإعطاء الاب الحق في فعل ما يشاء مع ابناءه لتربيتهم، "والمعايير الاجتماعية" التي تعتبر العنف كواجب حتمي لابد منه، كذلك "مفهوم الحق الشرعي في التربية السليمة للأطفال"، إضافة إلي " ضعف برامج الحماية الاجتماعية"، "تفكك الأسرة "،" الادمان وتعاطي المخدرات": واكدت الدراسات البحثية ان ضحايا العنف الاسري هم أكثر من يدمن ويتعاطى المخدرات، أخيرا "ضعف الجانب الديني".
هناك آثار كثيرة يتركها العنف لمن تعرض له سواء جسدية او نفسية، ومن اهم هذه الآثار،العقد النفسية التي تؤدي أحيانا إلي سلوكيات عدائية، كذلك نهج الضحية نفس النهج العنيف الذي عاشه في الطفولة وهنا يستوقفني كلام الشاعر والفيلسوف المهاتما غاندي عندما قال:
"ما يسلب بالعنف لا يحتفظ به إلا بالعنف "
بالإضافة إلى عدم تفاعله مع المجتمع لفقدانه العديد من المهارات الذهنية، كما يتجه الي الانطوائية لعجزه علي بناء علاقات اجتماعية مبنية علي الثقة والامان ، وينتهي به المطاف إلي تفكيره في الانتحار هروبا من الواقع الاسري المؤلم .
وحسب احصائيات ان حوالي 1.7 مليار طفل هم ضحايا للعنف كل عام، كما ان 3 من كل 4 أطفال يتعرضون للعنف في جميع انحاء العالم حسب موقع أمان الاطفال.
ومن الجدير بالذكر ان معالجة ضحايا العنف واجب، ومهمة الاخصائي النفسي تأتي في المرتبة الأولي لتطوير ثقة الطفل بنفسه، واقناعه بأنه لا دخل له في ممارسة العنف الواقع عليه.
ويأتي دور الدول في إنشاء مراكز للجوء الاطفال اليها لحمايتهم، وللأم دور توفير العاطفة قبل كل شيء حتي لا يصل الأطفال إلي مرحلة اليأس ويؤدي ذلك الي انحرافهم.
وفي النهاية نستعرض ابرز ما جاء في توصيات دراسة اليونيسيف، اولا: دعم جهود الدولة في حماية الأطفال ضد العنف، ثانيا: حصول الأسر علي الدعم لتربية الاطفال تربية سليمة، ثالثا: العمل بقيام حملات إعلانية طويلة لرفع مستوي الوعي بتأثير العنف، رابعا: توفير وتطوير خدمات الدعم للأطفال الذين يتعرضون للعنف، خامسا: تفعيل الملاحقة الأمنية والقضائية لمرتكبي العنف ضد الأطفال.