كتب: خالد البسيوني.
تمر السياحة المصرية بفترة ليست هي الأفضل في تاريخها، حيث أن هذا الأمر عام على العالم كله بسبب فيروس كورونا الذي اجتاح العالم كله وجعل الجميع متضرر، ومن بعده تأتي الحرب الروسية الأوكرانية التي كانت لها اليد الكبرى في ركود اقتصاديات الدول، الأمر الذي جعل المنشغلين بالسياحة يشعروا بقلق وحيرة من فقد مصادر رزقهم، لذلك معنا في هذا المقال الأستاذ محمود أحمد عبد المحسن صاحب واحدة من أهم شركات السياحة في مصر، ليجيبنا عن تلك التساؤلات ويطرح لنا وجهة النظر المتخصصة، التي ربما تخفف وطئة الأمر عن البعض، وأيضًا من أجل توضيح بعض النقاط الغامضة في ملف السياحة.
بدأ "عبد المحسن" حديثه قائلًا: "الوضع في هذا العام والعام السابق في السياحة المصرية أفضل من الأعوام الماضية التي سبقتهما، حيث أن الأمر الآن أصبح أكثر استقرارًا وأفضل بالنسبة لكل العاملين في مجال السياحة، فقد انتظم حضور الأفواج من مختلف دول العالم إلى مصر، هذا بالتأكيد بعض جهود الدولة الجبارة في القضاء على الإرهاب، فقد تصدى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لكل ما يمكنه المساس بالاقتصاد المصري، ولا يستطيع صاحب عقل أن ينكر على الدولة دورها ومحاولاتها المستمرة في مجال السياحة، الأمر الذي لاقت السياحة ثمرته، بالتأكيد هذا الوقت ليس وقت ازدهار للسياحة في مصر، لكنه بالطبع أفضل وفي تحسن دائم.
ذكر "عبد المحسن" أن الحملات التي كان منشئها الدول الأجنبية التي تنادي بالسفر إلى مصر في فصل الشتاء لأن حرارتها معتدلة وتكلفة قضاء الشتاء بها أقل بكثير من التكلفة التي يتحملها الفرد في الدول ذات الشتاء الثلجي، هذا بالتأكيد ساعد في تقديم دفعة قوية للسياحة في مصر، لأننا ولأول مرة منذ سنوات عديدة نرى أعداد كبيرة من الأفواج المتتالية تصل إلى مصر من مختلف دول العالم، الأمر الذي ساهم في تحسين وضع العاملين في مجال السياحة واستقرار شركات السياحة وتراجع بعض أصحابها عن قرار الإغلاق، وهذا كله يرجع إلى استغلال نوعًا واحد من أنواع السياحة الموجودة في مصر والتي يشهد العالم كله بجودتها، فما بالنا إن تم استغلال ما تبقى، بالتأكيد سيتغير الأمر وسينتقل الاقتصاد المصري إلى مكانة أفضل من التي هو عليها اليوم، ويرجع ذلك إلى أن السياحة من الركائز الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد المصري منذ بداية التاريخ.
أشار "عبد المحسن" إلى ضرورة الرقابة على الجهات العاملة في السياحة، حيث أن هناك بعض العاملين سواء في الفنادق أو في مجال الإرشاد السياحي يضروا بسمعة مصر، وهذا كله في سبيل الجشع واستغلال السياح، فمن أجل بعض من الدولارات يكون هؤلاء سببًا مباشر في خراب اقتصاد دولة بحجم مصر، فالشكاوي التي تقدم من السياح والتقريرات التي تنشر من السياح على وسائل التواصل الاجتماعي عن مدى انبهار السياح بعظمة مصر ولكن بعض من العاملين في السياحة يدمرون تلك العظمة، بأنهم يتعاملون مع كل سائح كما لو أنه أخر من سيأتي فينشغلوا بجمع أكبر عدد من الدولارات منه، دون الالتفات إلى أن هذا من الممكن أن يدمر عليهم الصناعة التي يشتغلون بها، فضلًا عن أنه من الممكن أن يدمر اقتصاد الدولة بأكملها، فيجب عليهم مراقبة أنفسهم من أجل المصلحة العامة قبل أن تراقبهم الدولة ويتم اتخاذ إجراءات صارمة مع من يخالف التعليمات ليزدهر الاقتصاد المصري بعودة السياحة لمجدها من جديد.
أردف "عبد المحسن" إلى أن الدعاية لا تقل أهمية عن تحسين جودة الخدمة، حيث أن الجميع في كل دول العالم يهتمون بما يعلن عنه، لا بما هو عالق في ذاكرتهم، ومصر لديها الكثير من الكوادر الذين من الممكن أن يخرجوا لنا بأفكار من شأنها جلب المزيد من السياح، وأقرب دليل على هذا هي حركة الدعاية للجو في مصر التي ذكرناها، فحملة دعاية واحدة مثل هذه نقلت السياحة إلى مكان أفضل، فما الحال إذا أعدنا تسويق السياحة الفرعونية، أو السياحة العلاجية، أو السياحة الترفيهية، هل سيبقى الحال كام هو عليه، بالتأكيد لا، سيتبدل الحال في أسرع وقت، والجميع سيستفيد من هذا النشاط الاقتصادي داخل السوق المصري، وتلك الزيارات بالتأكيد ستعيد لمصر مكانتها في باقي دول العالم، فيجب علينا أن نستغل كل هذه الحضارة وكل هذا التاريخ والمنح التي منحها الله لمصر من أجل تحسين أوضاعنا، فنحن نرى دول لا تاريخ لها ولا حضارة تستغل كل ما يمكن استغلاله سواء كانت تملكه أو لا من أجل الدعاية والترويج لبلادهم، وجلب المزيد من السياح، والأمثلة على هذا كثيرة، ولكن نحن الآن نتحدث عن مصر الغنية بتاريخها، التي لا تحتاج إلى تزييف من أجل الدعاية، نحن فقط نحتاج إلى الإيضاح للجميع عن كل ما يكمن داخل مصر وتسليط الضوء على تاريخنا المشرف.
أنهى "عبد المحسن" حديثه قائلًا: لابد أن تتوافر جميع الجهود للوقوف جنبًا إلى جنب مع السياحة المصرية، ولابد من اقتناع جميع الأطراف بأهمية السياحة بالنسبة لمصر، ويجب أن يكون جميع أبناء مصر المسافرين للخارج سفراء عن مصر وعن الحضارة المصرية، وأن يحاول كلًا منهم أن يوضح للجميع المميزات الكثيرة التي يمكن أن يزور السائح مصر من أجلها، ويجب على أصحاب شركات السياحة أن يقوموا بحملات ترويج للسياحة ولمعالم مصر المختلفة، في المقام الأول لخدمة أنفسهم وتزويد مصادر الدخل لديهم، ويأتي بعد ذلك الوقوف بجانب الاقتصاد المصري، ويجب على الدولة أيضًا دعم العاملين في السياحة، ودعم كل من يحاول الدعاية لمصر ولتاريخها العريق، حتى تنهض السياحة وينهض الاقتصاد المصري بيد الجميع.