زهرة غزال
كل يوم تتكشف تفاصيل أكثر عما حدث في العاصمة السودانية الخرطوم في العاشرة من صباح السبت الموافق ١٥ أبريل ٢٠٢٣
و الذي يبدو انه إنه سيكون يومًا مفصليًا في تاريخ السودان كله
الضربة الأولى كانت في مقر القيادة العامة و هو بالمناسبة ملتصق بالقصر الجمهوري و كان تأمينهما معًا بقوات مشتركة من الجيش و الدعم السريع و كيف استطاعت قوات الحرس الرئاسي السوداني حماية عبد الفتاح البرهان من الموت بمعجزة و ببسالة أعضاء هذه القوات التي استشهد اكثر من نصفهم نتيجة المواجهة المفاجئة
و على رأسهم قائد القوة العقيد احمد النور الإمام
بدأ عدد من الصحافيين السودانيين في نقل تفاصيل هذه اللحظات العصيبة و كيف أن البرهان أمسك بسلاحه الشخصي و اشتبك مع القوات المهاجمة بنفسه في حالة فوضى قل أن يحدث نظيرها في أي مكان آخر بالعالم و كيف استقر الرأي على دفن شهداء الحرس الرئاسي في مقر القيادة العامة تخليدًا لدورهم في حماية البرهان
الأكثر اثارة في الحقائق التي بدأت تتكشف هو ضعف عدد جنود الجيش السوداني في العاصمة مقابل قوات الدعم السريع حيث يتحدث الجميع عن ١٥ ألف جندي تابع للقوات المسلحة السودانية في مقابل ٦٠ ألف مقاتل تابع للدعم السريع
و الأغرب أن البرهان قبل الهجوم كان في طريقه للقاء حميدتي في منزل وسيط سياسي سوداني لتقريب وجهات النظر بين الطرفين و إخماد نيران هذه الأزمة قبل اشتعالها ليفاجأ الجميع بالهجوم الغادر!
لكن الدرس المستفاد من هذه اللقطة هو أن فرص إستمرار الطرفين سويًا في السلطة أصبحت مستحيلة و أن المفاوضات المنتظرة بين ممثلي الطرفين في جدة لن تكون إلا استهلاكًا للوقت ليس أكثر!
و الأهم أن استكمال الاتفاق الإطاري بشكله القديم أصبح من المستحيل و أن هناك فواتير سياسية لما حدث يجب أن تدفعها الأحزاب و القوى السياسية التي دفعت حميدتي لهذا التصرف المجنون من أجل الوصول للسلطة على مدرعات الدعم السريع أو حتى تلك التي لم تدين ما حدث على خطورته و بشاعته و لو بكلمة
لكن على الرغم من خطورة ما حدث إلا أن هناك العديد من المكاسب التي خرج بها السودان الشقيق من هذه المعركة ربما أبرزها سرعة الجيش السوداني في الرد بعد تلقي الضربة الأولى و إستمرار الرجال في القتا.ل رغم التفوق العددي لقوات الدعم السريع و رغم الأنباء التي تم تناقلها من هجوم قوات الدعم السريع على بيوت قادة الجيش و احتجاز أسرهم و أطفالهم كرهائن في تصرف لم يحدث في أي مكان آخر طوال التاريخ
و كانت فرص نجاح الدعم السريع في السيطرة على الخرطوم العاصمة مرتبطة بعن.صر المفاجأة أكثر من أي شيء آخر و لا شك في أن نجاح الجيش السوداني في تخطي هذه اللحظة الحرجة جدًا كان مفاجئًا لجميع الأطراف التي خططت لها في الداخل و الخارج فمثل هذه التحركات يصعب القبول بأنها من بنات أفكار حميدتي على الإطلاق
ثاني مكاسب السودان من هذه الأحداث القاسية كانت في دعم الشعب السوداني لجيشه بشكل لم يتوقعه أكثر المتفائلين دعم نفلته مقاطع الفيديو و تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي و وقفات السودانيين خارج السودان و ليس آخره سرعة عودة ضباط الجيش المعارين للدعم السريع إلى قيادتهم الرئيسية في الجيش فور انطلاق الأحداث
هذا الدعم الشعبي أبطل مفعول سنوات من الوقيعة بين الجيش و الشعب في السودان الشقيق
و مهد الطريق لمستقبل واعد يتشارك فيه الطرفين بحثًا عن مصالح السودان و أمنه و وحدة أراضيه و من هذا الدعم و التآزر بين الجيش و شعبه يجب أن يبدأ المستقبل
نجح جيش السودان الشقيق في تخطي الجزء الأصعب في هذا الانقلاب الذي وصف بأنه الأكبر و الأخطر في تاريخ افريقيا باقي مرحلتي استعادة الاستقرار في العاصمة ثم مرحلة الحساب التي ستأتي حتمًا في نهاية الأزمة
و على الدول التي تدعم حميدتي أن تتعامل بواقعية مع الحدث حميدتي خسر كل شيء لا سيطرة و لا دعم شعبي و لا سيادة و لا حتى أموال يحب ألا يتخطى طموحهم طموح حميدتي شخصيًا فالرجل أقصى أمانيه اليوم أن يعود كل شيء لمرحلة ما قبل ١٥ أبريل فقط لا أكثر و لا أقل ، و إن كنت أظن أنه حتى هذه الأمنية قد أصبحت غير منطقية أيضًا هي الأخرى
عاش السودان الشقيق
عاش جيش السودان المنتصر عاش شعب السودان البطل