كتب لزهر دخان
كتبت الشاعرة اللبنانية المقيمة في الولايات المتحدة السيدة غريتا بربارة ✍ Gretta Barbara . مجموعة معتبرة من القصائد المعبرة على إقتناع الشاعر بالأدب عندما ينوي أن يكون مهذباً . فالشعراء وعلى مر العصور ينتسبون وينسبون إلى الأدب . ولكن غالباً ما يشذون عن القاعدة ويكتبون بأدب غير كامل. فتخط أقلامهم كل سخطهم بدون أن تكون لهم قدرة على تلطيف قولهم . وإذا وجدت القدرة فلن تكون لهم الرغبة والقناعة في تحسين الهجاء والسب والغضب وتلطيفه بحس كالذي تمتلكه غريتا .
غريتا السيدة العربية المسيحية التي أظهرت بقلمها براعة فائقة في نشر التسامح والحب بالشعر . فهدأت قصائدها دون أن تغادر أزمات الأمة ومشكلاتها، ودون أن تعفو عن العدو فلا تنتقم منه ..
إنها في أغلب قصائدها تتنهد وتنطق ، فيظن من لا يفهم أنها تنهدت وسكتت . فمثلاً هي تقول إنها نعم تقيم في صومعة ، ولكنها تبكي ولا يظهر لها دمع لأنه يغذي روحها ويزيدها صلابة فهي ترشفه كالشراب..
وهي في صومعتها ليست مستسلمة ، فهي تخاطب الدهر والأزل حتى تتذكر وينفعها تاريخها كأمة إستطاعت قديماً فكانت عظيمة . وإنها تعرف أنها مستقبلاً ستربح وسيكون الأبد لها . يعني إن سياستها الشعرية تدعم حكمة تقول ،،من يضحك أخيراً يضحك كثيراً،،
هذا الأسلوب يلجأ إليه كل شاعر ليختلف به عن البشر العادي الذي يفضل الثورة على الواقع . فيتصرف بعجلة دون إنتظار في صبر حتى يصبح الإنتصار في صالحنا فيكتبه لنا أحكم الحاكمين.
إن الذي يقرأ لغريتا يستطيع أن يحسن القتال بمرونة كبيرة . فهي سوف تعلمه كيفية الهجاء والسب بأدب , وسيشعر بكلماتها أن الشاعرة العربية قد تطورت إلى درجة أنها قالت في حضرة الثلاثة ، الدهر ، الأزل، الأبد ...
-*- إن الدهر هو الزمان الذي نعيشه فيمضي أو الذي نستقبله مستقبلاً أو هذا الحاضر . أما الأزل فهو ما نظنه موجوداً وهو خرافات ،وهو ما أرخ له البشر من زمن لم يعيشه . والأبد هو الخلود وهو في عالم أخر أعده الله لنا . وكما هو معروف إما المؤبد في الجحيم أو الحرية في جنة النعيم.-*-
تعيش غريتا في الولايات المتحدة الأمريكية وهي من أصل لبناني . صدر لها مؤخراً كتاب شعري ، أي ديوان بالعربية مترجم إلى الإنجلزية بعنوان (العناق الأول)، النشر والترجمة والتوزيع تم في دار الأديب للنشر .
فيما يلي قصيدة إخترتها لكم من حائط الشاعرة غريتا على فايسبوك:
إذا إهتزَّ الأزل … تفجَّر الدهر … إبتسم الأبد!
كنتُ أرشفُ الدمع شراباً
في تلك الصومعة ،،
أتنشَّق الربيع نسيماً
أُناجي الأزل ،، أُحاكي الدهر ..
فما كان من الأبد
إلا أن ألقى رداءه فوق كتفي
وأخذ بِعناقي!
فتح أسلاكهُ الحُرَّة ولفَّ بها
نبضي مما جعلني أرقص
فوق جمر الترقُّب ،،
لا أشعر سوى ببرودة قدميَّ
وحلاوة روحي .
ثم هزَّ الدهر يدي
وهو يستر وجهه المُتقلِّب
قرب أُذُني وقال:
يا إبنة الحياة ..
يا إبنة الأنبياء ..
يا رسولة المحبة ..
أفكاركِ كَسَرب الحمام
واليمام سابحة هائمة
في لامحدود النظريات!!
كلامكِ منظوم بالمقياس!
منثورٌ بالجمال .. حزين مُفرح
مُعانق روح ما بعد الدنيا !
ما هذه العيون المُحدِّقة بي
منذ إنصراف الكَون للكينونة !
كلامكِ يا إبنة الأزل
رسوم غريبة وأفكار جميلة .
هنيئاً للحِكمة كان لها
أن تضع يدها على جبينك المُلتهب
تُبارك مفاعيل الفِكر والإدراك!
قلتُ للأزل والدهر والأبد بِشخص
ذاك المرنِّم في روحي !!
يا كل الأحلام. يا كل الإبتسامات
والأحزان والآلام..
الإنسان يخاف السماء
ولا يعلم أنها منبع الأمن والأمان.
يخاف الطبيعة وهي ملاذ
الراحة والطمأنينة !
أنا منكم وأنا معكم
حتى نهاية الأيام!
لا قيد لي ولا سلاسل تُكبّلني!
وهنا شعرتُ بيد الحق
والحكمة والمحبة!
تمتدُّ من أعماقي
لِتضمَّ أعماق الدنيا!!
شعرتُ بالجمال ينطوي
في قُدس أقداس ذاتي
ويحوي كل أحلامي وتخيلاتي!
امتدَّت أنامل الحكمة ،
مسحت جبيني
ملأتْ قلبي نوراً
حتى أصبحتْ دموعي
حبات لؤلؤ تتلألأ في عيوني ..
شعاعُ الحُبّ يبارك شيخ الأزل
كَهْل الأبد وعجوز الدهر..
إختلط الكُل في ميزان واحد
وكان هو ذاته الزمن
يُرصِّع حِكمتي
علَّمَني أنَّ الأزهار لا تبتسم
إلاَّ بعد مجيء الصباح !!
صافحتُ أصحابي
وإختفوا بعد سلامي
إمتلأت روحي صفاءً !
أحسستُ بعاطفة
غريبة تسري في دمي
وبلاغة الحِكمة تعلو
مقامات وجداني!
أحسستُ بإهتزاز
جمال الأزل
تفجُّر نور الدهر!!
بارك الأبد روحي
وإزداد الإيمان في قلبي !
بقلم: غريتا بربارة ✍🏻
Gretta Barbara
أميرة الأحلام 🇱🇧