بقلم: طراد علي بن سرحان الرويس
يشهد عصرنا الحالي، تطورات هائلة وتحولات متسارعة في مختلف جوانب الحياة، ونتيجة لذلك تواجهه مجتمعاتنا العربية تحديات تلك التطورات في التنمية وفي تكنولوجيا تقنية المعلومات والاتصالات، التي أدت إلى ظهور تقنيات حديثة سهلت سبل الحياة كأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والبرمجيات والشبكات والاتصالات ونظمها وشبكة الويب والمواقع الإلكترونية، مما جعلت عالمنا كقرية إلكترونية صغيرة.
وفي واقعنا اليوم، يواجهون أبناءنا سلبيات وتحديات تلك الثورة التي تتسارع فيها وتيرة انتاج التقنية الحديثة، والتي أصبحت بين أيدي أبنائنا من الأجيال الناشئة يتعاملون معها دون توجيه أو مراقبة، ففي ذلك انفتاح عظيم غير مسبوق في كافة جوانب حياة أبناءنا وبناتنا، ومخاطر متزايدة ومتعددة الأشكال تسعى إلى انحرافهم نتيجة اندفاعهم السريع للتغيير والانفتاح الهائل الغير مسبوق الذي يواجهونه دون سابق أنذار.
وجراء ذلك وجدت في مجتمعاتنا العربية بيئات خصبة هنا وهناك، بيئات خطرة خلقت وشكلت نتيجة لذلك، وما يقلقنا هو أن أبناءنا من الأجيال الناشئة يواجهون تلك السلبيات دون إعدادهم أو توجيههم لمواكبة هذا التطور والتحّول والانفتاح، حيث يستغل تلك البيئات الخصبة ضعفاء النفوس الفاسدين والمفسدين من داخل مجتمعاتنا العربية ومن خارجها لتنفيذ مخططاتهم العدوانية وتحقيق أهدافهم ضد أبنائنا من الأجيال الناشئة، والتي تستهدف جذبهم نحو الإنحراف والتطرف، وتستهدف أسرنا لتصدع روابطها واختراق نسيجها الاجتماعي ومنظومتها من القيّم والمبادئ.
وما نراه اليوم في مجتمعاتنا العربية دون استثناء، هو تغير ملحوظ في سلوكيات وتصرفات العديد من أبنائنا الذين واجهوا تلك التغيرات الهائلة والتحولات المتسارعة في تكنولوجيا المعلومات، والذين اساءوا استخدامها وانخرطوا داخلها دون إعداد أو رقابة أو توجيه بشأن كيفية التعامل معها ومخاطرها، أو بدعمهم ومساندتهم لمواكبة هذه التحديات والسلبيات التي أصبحت خطراً يهدد حياتهم بكافة جوانبها، حيث غيرت سلوكيات واخلاقيات العديد منهم وأكسبتهم قيم ومفاهيم دخيلة، وثقافات مغلوطة معادية أثرت على الجوانب الاجتماعية والثقافية والفكرية لمجتمعاتنا العربية.
لذلك يجب على مجتمعنا العربي من أسر ومؤسسات تربوية ودينية واجتماعية، وبإشراف من حكوماتنا، العمل على إعداد أبناءنا من الأجيال الناشئة، وعلى تنمية المعرفة لديهم وتقويتها لمواكبة ذلك، ومساندتهم وتوجيههم لمواجهة التحولات وتحديات ثورة التطور وتكنلوجيا تقنية المعلومات والاتصالات، التي انعكست في جميع نواحي النشاط الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والفكري والديني.
لذلك يجب أن تتضافر الجهود للعمل على إعداد أبنائنا ومساندتهم ودعمهم لمواجهة هذه التغيرات وتخطيها للمحافظة عليهم والاهتمام بهم، والحرص على غرس انتمائهم للوطن والذي يعّد من أهم القيّم التي يجب أن نحرص على تنميتها لدى أبنائنا، لما يترتب عليه من سلوكيات إيجابية ينبغي غرسها في قلوبهم الناشئة، وتقوية ايمانهم بالعمل الجماعي الهادف لبناء وطن قوي ومجتمع متماسك ينعم بالأمن والاطمئنان، وبذلك نكون قد ساهمنا في تهيئة وإعداد جيل يتصف بالولاء والانتماء لوطن عربي غالي وعزيزاً علينا جميعاً، وسنشهد بذلك بمشيئة الله تعالى نهضة مجتمعية موحدة مستمرة ودائمة.
وما أردت الإشارة إليه، هو أن العلم أساس المعرفة، فلا يمكن الإصلاح إلا بالمعرفة، وهنا يأتي دورنا كمجتمع مدني بالحفاظ على شبابنا والاخذ بنواصيهم، قبل أن تنزلق أقدامهم بعد ثبوتها، فيجب ألا نقوم إلا بالاهتمام بهمم شبابنا وطاقاتهم، فهم عماد مجتمعنا العربي وأسباب رفعته، وهم صُنّاع كرامة أمتنا وعزتها بل وتقدمها، فالشباب بما يملكونه من عنفوان وقوة قادرون على توجيه طاقاتهم وقدراتهم لتوحيد هذه الأمة التي أعزها الله تعالى وأكرمها، وبدعمهم والاهتمام بهم والنهوض بطاقاتهم وتوجيههم وتطوير ثقافاتهم واشغالهم وقت فراغهم من خلال تأمين ما يناسبهم من أعمال لأجل القضاء على البطالة، وتحسين احوالهم المعيشية لتحقيق حياة كريمة خالية من ضيق العيش الذي يشكل أجواءاً سلبية تقودهم للانحراف والتطرف، وبذلك نكون قد حمينا شبابنا من الانحراف والتطرف الذي أصبح في عالمنا اليوم بيئة خصبة تحوم حولهم.
أدام الله السكينة في قلوبكم والسعادة في بيوتكم والصحة في أبدانكم والتوفيق في حياتكم والأمن في دروبكم والبركة في أرزاقكم وفي علمكم.
والله أسأل أن يحفظ أوطاننا العربية بشعوبها وترابها وانجازاتها ومكتسباتها من كل مكروه، وأن يديم عليها نعمة الأمن والأمان والاستقرار إنه ولي ذلك والقادر عليه.