التسامح في مجتمع متشابك متصارع_مجلة أنا مصري
مجلة انا مصرى مجلة انا مصرى

آخر المواضيع

جاري التحميل ...

التسامح في مجتمع متشابك متصارع_مجلة أنا مصري

 حماد مسلم يكتب عن 

 

التسامح في مجتمع متشابك متصارع

  .

يعيش الأفراد في مجتمع متشابك من العلاقات الاجتماعية المتباينة، مما يفرض علينا أحيانًا التمسك ببعض الأخلاق العليا، حتى نستطيع التعامل مع الآخرين بطريقة صحيحة، وبالتالي يمكن الرقي بالمجتمع، ويعتبر التسامح أحد الصفات والأخلاق التي يجب التحلي بها قدر الإمكان عزيزي القارئ الاسلام حثنا علي  التسامح..التسامح لغة من المسامحة، وهي المساهلة، والتسامح هو التساهل، أما في الاصطلاح فالتسامح هو: الصفح والعفو والإحسان، والذي يقابله التعصب والتطرف والغلو، والتسامح خلقٌ إسلاميٌّ أصيلٌ، رغَّب به الشرع وحبب المكلفين فيه، وجعله منهاجًا لتعامل المسلم مع إخوانه المسلمين وغير المسلمين

 يعرف التسامح في الإسلام بأنه المبدأ الإنساني الذي يحث الإنسان على نسيان ما مضى من الأحداث المؤلمة والأذى الناتج عن بعض المواقف بإرادته، والعزوف عن فكرة الانتقام، بالإضافة إلى التفكير الإيجابي تجاه الآخرين، والحرص على عدم إصدار أحكام عليهم أو إلقاء التهم، وأخيرًا الإيمان بأن البشر خطاؤون وعلينا التماس الأعذار والشعور بالرحمة والعطف.

مصطلح التسامح

يعني التسامح اصطلاحا القدرة عن العفو عن الآخرين، وعدم مقابلة الإساءة بإساءة مثلها، والحرص على التمسك بالأخلاق الراقية التي حث عليها جميع الرسل، الأنبياء والأديان، مما يعود على المجتمع بالخير عن طريق تحقيق التضامن والوحدة بين أفراده،  وتحقيق المساواة والعدل والحرية خلال احترام العقائد والثقافات المختلفة.

التسامح لدى حقوق الإنسان

يعتبر التسامح أحد القيم المتعلقة بالحقوق التي يتمتع بها النظام الديموقراطي مثل حرية التعبير عن الرأي، المساواة أمام القانون، احترام الأقلية، حقوق الأسرى وعدم إلحاق الأذى بهم، والتسامح هنا يشير إلى تقبل اختلافات الصفات الإنسانية، الخلقية والفكرية، والإقرار بحقوق جميع الأفراد مع اختلاف طوائفهم، واحترام آراء الآخرين وعدم التعدي عليهم.

أهمية التسامح للفرد والمجتمع :

·         يساعد الفرد على التخلص من أخطاءه والشعور بالإحراج والذنب، حيث يمكنه مسامحة نفسه وتصيح الأخطاء التي ارتكبها.

       يزيد من رقي الأشخاص الذين يقابلون الإساءة بخلق التسامح، ويصبحوا مليئين بالخير، ويمتلكون نفسية سوية طبيعية بعيدا عن ما تحمله بعض النفوس من الكره والحقد والأمراض النفسية    يساعد التسامح على الحد من المشاكل بين المحبين والأصدقاء، والتي تنتج عن سوء الظن وعدم التماس الأعذار   يجني الشخص المتسامح ثواب عظيم من الله عز وجل، ويعفو عنه أخيرًا.

·         يعمل على تحقيق القدرة على التعايش بين الشعوب والأفراد عن طريق تقبل الاختلاف والحفاظ على حقوق الآخرين، بعيدا عن الصراعات وانتشار الحقد والكراهية العنصرية.

·         يمكن تحقيق المصالح العامة في المجتمع، التي تعم بالتالي على الأفراد، حيث يتم ذلك خلال طرق قانونية سليمة.

·         يزيد من أهمية الثقافة والعلم، ويساعد على تفعيل الحوارات البناءة، فيهتم الأفراد بتحقيق أعلى مراتب التعليم والثقافة، عن طريق الطرق السليمة بدون تعدي على حقوق الآخرين.

آثار التسامح على الفرد

 آثار التسامح الدنيوية إنّ للتسامح آثاراً تعود على الشخص المتسامح، ومن هذه الآثار ما يلمسه في الدنيا، ومنها:

·         شعور المتسامح بالسعادة، حيث يجد في نفسه هناء وطيب عيش لأنه لا يقلق من تبدل الأحوال والأوضاع، فهو يشعر دائما بالرضا.

·         كسب محبة الناس وثقتهم، حيث إن المتسامح يحبه الناس ويجدون فيه الشخص اللّين، فهو يعامل الناس بلطف وإحسان.

·         استقرار وضع أسرته، حيث تشعر زوجته بالأمان والمحبة بجواره، ويطمئن له أولاده، فهم لا يخافون منه، بل يحبونه ويحترمونه، ويكتسب محبة جميع الأقارب له ويستشيرونه في أمورهم. يعامل الناس بالسماحة في الأمور المادية فإذا باع أو اشترى كان سمحًا، وإذا أخذ أو أعطى كان سمحًا، وإذا قضى ما عليه أو اقتضى ما له كان سمحًا ...  يجلب لنفسه الخير الدنيوي بتسامحه لأن الناس يحبون المتسامح الهين اللين، فيميلون إلى التعامل معه، ويكثر عليه الخير بكثرة محبيه والواثقين به.

   يستقبل المقادير بالرضى والتسليم مهما كانت مكروهة للنفوس.

آثار التسامح الأخروية للتسامح أيضاً آثار في الآخرة تعود على المتسامح، ومنها   ..  اكتساب رضا الله تعالى عن الشخص المتسامح ومحبته، فمن أحب الناس ورضي لهم الخير أحبه الله. دخول الجنة، فالشخص المتسامح لا يعتدي على الآخرين ولا يقوم بأذية الغير، بل هو دائم الإحسان إلى الآخرين.

      يحبّها الله ورسوله والملائكة المقرّبون.

 يضفيها الله على وجوه المؤمنين لتكون لهم علامة مميّزة في الدّنيا والآخرة.

آثار التسامح على المجتمع

دعا الإسلام إلى العفو والتسامح، وهو فضيلة أخلاقية مهمة في الحياة؛ إذ إن التسامح يؤدي إلى إزالة الأضغان والأحقاد وينقذ حياة الناس؛ ولهذا حبب الإسلام الناس إلى التسامح والصفح حتى في القصاص، وهو أصعب حالات التسامح لارتباطه بفقدان عزيز، قال تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).

  ولم يدع الإسلام إلى التسامح فحسب بل دعا أيضًا إلى مقابلة السيئة بالحسنة؛ لأنها أكبر عامل لزيادة المودة بين الناس؛ ذلك أن الإنسان المسيء عندما يرى الإحسان ممن أساء إليه يقدره.

 وفي التسامح توثيق للروابط الاجتماعية التي تتعرض إلى الوهن والانفصام بسبب إساءة بعض الناس إلى بعضهم الآخر، وجناية بعضهم على بعض، وهو سبب لنيل مرضات الله سبحانه وتعالى، وهو سبب للتقوى، قال تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ).

أنواع التسامح

على الرغم أن مفهوم ومعنى التسامح واحدًا مهما تعددت المواقف؛ إلا أنه يوجد مجموعة مختلفة من أنواع التسامح، وهي تتمثل في :

   التسامح الديني : وهو يُعتبر أهم أنواع التسامح التي تؤكد على ضرورة أن يكون هناك تسامح وتعايش بين الأشخاص المنتمين إلى ديانات مختلفة خصوصًا من أبناء الوطن الواحد، مع ضرورة نبذ العنف والإرهاب تجاه أي شخص منتمي إلى ديانة أخرى.

 التسامح السياسي : وهو يقتضي تطبيق الديمقراطية بمعناها الصحيح والذي يضمن حرية التعبير عن الرأي سواء للأفراد أو الجماعات ما دامت تلك الآراء لا تؤدي إلى أي أضرار على الأفراد أو على المجتمع.

   التسامح الفكري 

: من المؤسف أن اختلاف الأفكار اليوم أصبح أحد أسباب العداء القائم بين عدد كبير من الأشخاص، مما يؤكد أهمية نشر ثقافة التسامح الفكري.

    التسامح العرقي : من الأفكار التي كانت منتشرة فيما سابق ولا زال لها صدى في العصر الحاضر هو التفرقة العنصرية بين الأشخاص وفقًا للون والعرق، أما التسامح العرقي فإن الهدف منه هو القضاء على هذا الشكل من التفرقة العنصرية.

التسامح في القرآن الكريم

إن من أكبر الأمثلة عن التسامح في الإسلام هو الله عز و جل، إذ يتلخص هذا التسامح في العديد من الآيات الموجودة في القران، فعلى الرغم من الأفعال التي تصدر من الإنسان من مخالفة شعائر الدين و غيرها نجد أن الله غفور رحيم يسامح و يعفو و يصفح، بالإضافة إلى أنه حض الإنسان على التسامح و المغفرة لمن قام بأذيته

إذ يقول عز و جل في كتابه الكريم:

قال تعالى: {قُل يا عباديَ الذينَ أَسرَفوا على أَنفُسِهم لا تَقنَطوا مِن رَحمةِ الله إنَّ الله يَغفرُ الذُّنوبَ جَميعًا إنَّه هوَ الغَفورُ الرَّحيم} [الزمر: 53].

وقد امتدَحَ الله العافِين عن الناس فقال في صفات أهل الجنةِ: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].

﴿ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14].

﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ … وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 40 – 43].

﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35].

﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22].

{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}(الشُّورى:40)

{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}(الحجر:85)

{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ}(المائدة:13)

التسامح في السنة النبوية

أما ما ذكر في السنة عن أحاديث الرسول في التسامح فهي عديدة و كثيرة، من بعض هذه الأحاديث:

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قتل معاهَدًا لم يَرِح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا) رواه البخاري.

وقال صلى الله عليه وسلم: (ألا مَنْ ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس؛ فأنا حجيجه – أي: أنا الذي أخاصمه وأحاجُّه – يوم القيامة) رواه أبو داود.

عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا عُقبة! صِلْ مَن قطعك، وأعطِ مَن حرمَك، واعفُ عمَّنْ ظلمَك)

كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم في من أذوه و أخرجوه من بلده :يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: «فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته (لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُم اذْهَبُوا فَأنْتم الطُّلَقَاءُ).في النهاية التسامح والتسامح مع النفس طاعة لله

التعليقات



انا مصري

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

مجلة انا مصرى

2020